فصل: الحلف بالصدقة بالمال:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.النذر المشروط وغير المشروط:

والنذر قد يكون مشروطا، وقد يكون غير مشروط.
فالأول: هو التزام قربة عند حدوث نعمة أو دفع نقمة.
مثل: إن شفى الله مريضي فعلي إطعام ثلاثة مساكين، أو: إن حقق الله أملي في كذا فعلي كذا.
فهذا يلزم الوفاء به عند حصول المطلوب.
والثاني: النذر المطلق، وهو أن يلتزم ابتداء بدون تعليق على شئ، مثل: لله علي أن أصلي ركعتين.
فهذا يلزم الوفاء به، لدخوله تحت قوله صلى الله عليه وسلم: «من نذر أن يطيع الله فليطعه».
النذر للاموات: وفي كتب الأحناف: أن النذر الذي يقع للاموات من أكثر العوام وما يؤخذ من الدراهم والشمع والزيت ونحوها إلى ضرائح الأولياء الكرام تقربا إليهم، كأن يقول: يا سيدي فلان، إن رد غائبي أو عوفي مريضي أو قضيت حاجتي فلك من النقد أو الطعام أو الشمع أو الزيت كذا، فهو بالاجماع باطل وحرام لوجوه، منها:
1- أنه نذر لمخلوق، والنذر للمخلوق لا يجوز، لأنه عبادة، وهي لا تكون إلا لله.
2- أن المنذور له ميت، والميت لا يملك.
3- أنه إن ظن أن الميت يتصرف في الأمور دون الله تعالى فاعتقاده ذلك كفر والعياذ بالله. اللهم إلا أن يقول: يا ألله، إني نذرت لك إن شفيت مريضي أو رددت غائبي أو قضيت حاجتي أن أطعم الفقراء الذين بباب الولي الفلاني، أو أشتري حصرا لمسجد أو زيتا لوقوده أو دارهم لمن يقوم بشعائره...إلى غير ذلك مما فيه نفع للفقراء والنذر لله عزوجل. وذكر الولي إنما هو محل لصرف النذر لمستحقيه القاطنين برباطه أو مسجده. فيجوز بهذا الاعتبار.
ولا يجوز أن يصرف ذلك لغني ولا لشريف ولا لذي منصب أو ذي نسب أو علم ما لم يكن فقيرا.
ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للاغنياء.

.نذر العبادة بمكان معين:

ولو نذر صلاة أو صياما أو قراءة أو اعتكافا في مكان بعينه، فإن كان للمكان المتعين مزية في الشرع كالصلاة في المساجد الثلاثة: لزم الوفاء به، وإلا لم يتعين بالنذر الذي أمر الله بالوفاء به.
وهذا مذهب الشافعية، قالوا: وإذا نذر إنسان التصدق بشئ على أهل بلد معين لزمه ذلك وفاء بالتزامه، ولو نذر صوما في بلد لزمه الصوم لأنه قربة ولم يتعين مكان الصوم في ذلك البلد، فله الصوم في غيره.
ولو نذر صلاة في بلدة لم يتعين لها ويصلي في غيرها لأنها لا تختلف باختلاف الأمكنة إلا المسجد الحرام أي الحرم كله ومسجد المدينة ومسجد الاقصى، إذا نذر الصلاة في أحد هذه المساجد، فيتعين لعظم فضلها، إذا نذر الصلاة في أحد هذه المساجد، فيتعين لعظم فضلها، لقوله عليه الصلاة والسلام: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الاقصى».
واستدلوا بدليل نقلي على تعيين مكان التصدق بالنذر.
وهو ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن امرأة أتت النبي، صلى الله عليه وسلم، فقالت: «يا رسول الله، إني نذرت أن أذبح كذا وكذا، لمكان يذبح فيه أهل الجاهلية قال: لصنم؟ قالت: لا قال: لوثن؟ قالت: لا قال: أوفي بنذرك».
وقال الأحناف: من قال: لله علي أن أصلي ركعتين في موضع كذا أو أتصدق على فقراء بلد كذا يجوز أداؤه في غير ذلك المكان عند أبي حنيفة وصاحبيه، لأن المقصود من النذر هو التقرب إلى الله عزوجل، وليس لذات المكان دخل في القرية.
وإن نذر صلاة ركعتين في المسجد الحرام فأداها في مكان أقل منه شرفا أو فيما لا شرف له أجزأه عندهم، لأن المقصود هو القربة إلى الله تعالى، وذلك يتحقق في أي مكان.

.النذر لشيخ معين:

ومن نذر لشيخ معين فإن كان حيا وقصد الناذر الصدقة عليه لفقره وحاجته أثناء حياته كان ذلك النذر صحيحا، وهذا من باب الاحسان الذي حبب فيه الإسلام.
ولو كان ميتا وقصد الناذر الاستغاثة به وطلب قضاء الحاجات منه، فإن هذا نذر معصية لا يجوز الوفاء به.

.من نذر صوما وعجز عنه:

من نذر صوما مشروعا وعجز عن الوفاء به لكبر سن أو لوجود مرض لا يرجى برؤه...كان له أن يفطر ويكفر كفارة يمين أو يطعم عن كل يوم مسكينا وقيل: يجمع بينهما احتياطا.

.الحلف بالصدقة بالمال:

من حلف بأن يتصدق بماله كله أو قال: مالي في سبيل الله.
فهو من نذر اللجاج وفيه كفارة يمين، وعليه الشافعي، وقال مالك: يخرج ثلث ماله.
وقال أبو حنيفة: ينصرف ذلك إلى كل ما تجب فيه الزكاة من عينه من المال، دون ما لا زكاة فيه من العقار والدواب ونحوها.

.كفارة النذر:

إذا حنث الناذر أو رجع عن نذره لزمته كفارة يمين.
روى عقبة بن عامر أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين» رواه ابن ماجه والترمذي وقال: حسن صحيح غريب.

.من مات وعليه نذر صيام:

روى ابن ماجه أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن أمي توفيت وعليها نذر صيام، فتوفيت قبل أن تقضيه، فقال: «ليصم عنها الولي».

.البيع:

.التبكير في طلب الرزق:

روي الترمذي عن صخر الغامدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لامتي في بكورها».
قال: «وكان إذا بعث سرية أو جيشا بعثهم أول النهار، وكان صخر رجلا تاجرا، وكان إذا بعث تجارة بعث أول النهار، فأثرى وكثر ماله».

.الكسب الحلال:

عن علي، كرم الله وجهه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تعالى يحب أن يرى عبده يعني في طلب الحلال»، رواه الطبراني والديلمي.
وعن مالك بن أنس، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «طلب الحلال واجب على كل مسلم» رواه الطبراني.
قال المنذري: وإسناده حسن إن شاء الله.
وعن رافع بن خديج أنه قيل: يا رسول الله، أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل المرء بيده، وكل بيع مبرور» رواه أحمد والبزاز.
ورواه الطبراني عن ابن عمر بسند رواته ثقات.

.وجوب العلم بأحكام البيع والشراء:

يجب على كل من تصدى للكسب أن يكون عالما بما يصححه ويفسده لتقع معاملته صحيحة، وتصرفاته بعيدة عن الفساد.
فقد روي أن عمر، رضي الله عنه، كان يطوف بالسوق ويضرب بعض التجار بالدرة، ويقول: «لا يبع في سوقنا إلا من يفقه، وإلا أكل الربا، شاء أم أبى».
وقد أهمل كثير من المسلمين الان تعلم المعاملة وأغفلوا هذه الناحية وأصبحوا لا يبالون بأكل الحرام مهما زاد الربح وتضاعف الكسب.
وهذا خطأ كبير يجب أن يسعى في درئه كل من يزاول التجارة، ليتميز له المباح من المحظور، ويطيب له كسبه ويبعد عن الشبهات بقدر الإمكان.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة».
فليتنبه لهذا من يريد أن يأكل حلالا ويكسب طيبا ويفوز بثقة الناس ورضي الله.
عن النعمان بن بشير أن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: «الحلال بين والحرام بين وبينهما أمور مشتبهة، فمن ترك ما يشتبه عليه من الاثم كان لما استبان أترك، ومن اجترأ على ما يشك فيه من الاثم أوشك أن يواقع ما استبان والمعاصي حمى الله. من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه» رواه البخاري ومسلم.

.معنى البيع:

البيع معناه لغة: مطلق المبادلة.
ولفظ البيع والشراء يطلق كل منهما على ما يطلق عليه الاخر، فهما من الالفاظ المشتركة بين المعاني المتضادة.
ويراد بالبيع شرعا مبادلة مال بمال على سبيل التراضي أو نقل ملك بعوض على الوجه المأذون فيه.

.مشروعيته:

البيع مشروع بالكتاب والسنة وإجماع الأمة.
أما الكتاب فيقول الله تعالى: «وأحل الله البيع وحرم الربا».
وأما السنة: فلقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «أفضل الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور».
وقد أجمعت الأمة على جواز البيع والتعامل به من عهد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا.

.حكمته:

شرع الله البيع توسعة منه على عباده، فإن لكل فرد من أفراد النوع الإنساني ضرورات من الغذاء والكساء وغيرها مما لا غنى للانسان عنه ما دام حيا، وهو لا يستطيع وحده أو يوفرها لنفسه لأنه مضطر إلى جلبها من غيره.
وليس ثمة طريقة أكمل من المبادلة، فيعطي ما عنده مما يمكنه الاستغناء عنه بدل ما يأخذه من غيره مما هو في حاجة إليه.

.أثره:

إذا تم عقد البيع واستوفى أركانه وشروطه ترتب عليه نقل ملكية البائع للسلعة إلى المشتري، ونقل ملكية المشتري للثمن إلى البائع، وحل لكل منهما التصرف فيما انتقل ملكه إليه بكل نوع من أنواع التصرف المشروع.

.أركانه:

وينعقد بالايجاب والقبول، ويستثنى من ذلك الشئ الحقير، فلا يلزم فيه إيجاب وقبول، وإنما يكتفى فيه بالمعاطاة، ويرجع في ذلك إلى العرف وما جرت به عادات الناس غالبا.
ولا يلزم في الايجاب والقبول ألفاظ معينة، لأن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالالفاظ والمباني.
والعبرة في ذلك بالرضى بالمبادلة، والدلالة على الاخذ والاعطاء، أو أي قرينة دالة على الرضى ومنبئة عن معنى التملك والتمليك، كقول البائع: بعت أو أعطيت أو ملكت، أو هو لك، أو هات الثمن.
وكقول المشتري: اشتريت أو أخذت أو قبلت أو رضيت أو، خذ الثمن.

.شروط الصيغة:

ويشترط في الايجاب والقبول، وهما صيغة العقد:
أولا: أن يتصل كل منهما بالاخر في المجلس دون أن يحدث بينهما مضر.
ثانيا: وأن يتوافق الايجاب والقبول فيما يجب التراضي عليه من مبيع وثمن، فلو اختلفا لم ينعقد البيع.
فلو قال البائع: بعتك هذا الثوب بخمسة جنيهات، فقال المشتري: قبلته بأربعة، فإن البيع لا ينعقد بينهما لاختلاف الايجاب عن القبول.
ثالثا: وأن يكون بلفظ الماضي مثل أن يقول البائع: بعت، ويقول المشتري: قبلت.
أو بلفظ المضارع إن أريد به الحال، مثل: أبيع وأشتري، مع إرادة الحال.
فإذا أراد به المستقبل أو دخل عليه ما يمحضه للمستقبل كالسين وسوف ونحوهما كان ذلك وعدا بالعقد.
والوعد بالعقد لا يعتبر عقدا شرعيا ولهذا لا يصح العقد.

.العقد بالكتابة:

وكما ينعقد البيع بالايجاب والقبول ينعقد بالكتابة بشرط أن يكون كل من المتعاقدين بعيدا عن الاخر، أو يكون العاقد بالكتابة أخرس لا يستطيع الكلام، فإن كانا في مجلس واحد، وليس هناك عذر يمنع من الكلام فلا ينعقد بالكتابة، لأنه لا يعدل عنا لكلام، وهو أظهر أنواع الدلالات، إلى غيره إلا حينما يوجد سبب حقيقي يقتضي العدول عن الالفاظ إلى غيرها.
ويشترط لتمام العقد أن يقبل من كتب إليه في مجلس قراءة الخطاب.

.عقد بواسطة رسول:

وكما ينعقد العقد بالالفاظ والكتابة ينعقد بواسطة رسول من أحد المتعاقدين إلى الاخر بشرط أن يقبل المرسل إليه عقب الاخبار.
ومتى حصل القبول في هاتين الصورتين تم العقد، ولا يتوقف على علم الموجب بالقبول.

.عقد الاخرس:

وكذلك ينعقد بالاشارة المعروفة من الاخرس، لأن إشارته المعبرة عما في نفسه كالنطق باللسان سواء بسواء.
ويجوز للاخرس أن يعقد بالكتابة بدلا عن الاشارة إذا كان يعرف الكتابة.
وما اشترطه بعض الفقهاء من التزام ألفاظ معينة لم يجئ بما قالوا فيه كتاب ولا سنة.